مؤلفات ماجد بن عبدالله الطريّف العلمية والأدبية

كتاب :أحكام و آداب الاستطابة في ضوء السنة النبوية

                                                             غلاف النسخة الإلكترونية الأولى
                 
                                           غلاف النسخة الإلكترونية الثانية


رابط كتاب آداب الاستطابة في ضوء السنة النبوية. في جوجل درايف




آداب الاستطابة  في ضوء السنة النبوية


                                                           تأليف
      ماجد  بن  عبد الله  الطريّف



بسم الله الرحمن الرحيم
بحث آداب الاستطابة
                                  مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد ،،،،
فهذا بحث  " آداب الاستطابة في ضوء السنة النبوية "
وموضوع هذا البحث وهو قضاء الحاجة موضوع لا تنكر أهميته ؛ لحاجة كل ِّ إنسان إليه وتكرِّر ذلك في اليوم والليلة . ومع أن هذا أمر ذو شأن إلا أننا نرى كثيراً من الناس لا يعرف آداب قضاء الحاجة ولا تخطر له على بال.
 ونرى كثيراً من الأمم لا يجد أفرادها أحداً يحدثهم عن هذه الآداب للتحرج من هذا الأمر ولكن في شريعتنا الكاملة أُعتني بهذه الآداب عناية بالغة لمسيس الحاجة إليها فأوصى رسول الله  صلى الله عليه وسلم بآداب كثيرة حفظها لنا الصحابة وحرصوا على نقلها واعتني العلماء من بعدهم بها فجمعوا أسانيد الأحاديث ودرسوها وانكب خيرة العلماء يبينون للناس ما يحتاجون إليه في هذا ويصنفون الكتب ويعقدون الدروس في هذا المبحث من جملة مباحث الفقه والدين ولا يتحرجون من ذلك فلا حياء في الدين ولو كان شيئاً يستحيي من ذكره لما وردت السنة به ولكن الملاحظ أن السنة أوردته واهتمت  به كثيراً وهذا من كمال التشريع ودقة الأحكام والحرص على ما ينفع المسلمين .
فما أعظم هذا التشريع الذي لا يغفل أصغر الأمور كما لا يغفل أكبرها ، وما أعظم حسرة أعداء هذه الأمة حين يرون ما هم عليه من الجهل والضلال ثم يرون كمال تشريع هذا الدين ودقة أحكامه فيرون مصداق قوله تعالى
{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا }المائدة 3
وما أعظم خيبة ذلك اليهودي الذي قال  لسلمان رضي الله عنه: إني لأري صاحبكم   علمكم كل شيء حتى  الخراءة  .فقال سلمان رضي الله عنه : أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو ببول  أو أن نستنجي برجيع أو عظم .
 رواه مسلم .
والناظر في أحكام هذا المبحث والمتأمل في آداب قضاء الحاجة  يرى أموراً عظيمة من محاسن الشريعة الإسلامية فهي تحرص على الأفراد حتى في أخص أحوالهم ، وتربطهم بالله في جميع أعمالهم ، فقبل أن يدخل المسلم الخلاء يُشرع له الدعاء بما ورد ليستشعر ضعفه ويرتبط بمولاه وبعد أن يخرج المسلم من الخلاء يدعو الله ليتذكر عظيم نعمة الله عليه من المآكل والمشارب وسهولة خروج الخارج وليتذكر العبد تقصيره وذنبه .
ومن آداب الخلاء يتعلم المسلم أموراً جليلة منها الحشمة والحياء ؛ فالدين يأمر بالإبعاد في الفضاء والتستر وينهي عن التكشف الزائد لقضاء الحاجة وفي هذا تعليم لمكارم الأخلاق .
ومن آداب الخلاء يرى المرء حرص الشريعة على ما ينفع العباد فهي تأمرهم بما يحفظ صحتهم وبما يقيهم من النجاسة ويزيلها عنهم وتحذرهم من كل ما يخشى عليهم ضرره .
ومن آداب الخلاء نرى حرص ديننا الإسلامي على ربط المسلم بأمور شريعته ودينه حتى لا ينساها بحال فهو يذكر الله داخلاً وخارجاً ، ويتجنبُ أن يستقبل قبلة صلاته أو يستدبرها حال قضاء حاجته تكريماً لهذه الوجهة الشريفة ولكي يظل أمر دينه حاضراً في ذهنه لا يغيب عنه .
ثم من الشرع أن يتجنب المستطيب أن يدخل إلى الخلاء بشيء فيه ذكر الله أو يتلفظ به تنزيها له وتكريماً عن هذا الموضع ، وإن حرص الشرع الحكيم علي أن يظل ذكر الله حاضراً في ذهنه راسخاً في روحه .

وفي الصفحات التالية سأعرض لمباحث هذه الآداب بشيء من التفصيل ، وقد كان النهج في هذا البحث والخطة التي سار عليها تتلخص فيما يلي : تقسيم آداب قضاء الحاجة إلي ثلاثة أقسام :
1- آداب قبل قضاء الحاجة
2- آداب حال قضاء الحاجة
3- آداب بعد قضاء الحاجة
وكل قسم من هذه الأقسام له باب مستقل وكل باب يحتوي على عدة فصول وكل فصل يحتوي على مباحث حسب تسلسل البحث وسياق الكلام وقد كان البدء في كل مبحث بما ورد فيه من الأحاديث فإنما هذا البحث بحث في ضوء السنة النبوية وقد أكتفي في الأحاديث الواردة بما في الصحيحين إن كان صريحاً فإن لم يكن ما في الصحيحين صريحاً أُورد ما في الصحيحين ثم أُورد ما في الكتب الأربعة إن كان فيها حديث صريح ..
فإن لم يكن في الصحيحين حديث أبداً أُورد ما في السنن من الأحاديث ..
وعند إيراد الأحاديث إن كانت في الصحيحين أكتفي بعزوها إلى موضعها من الصحيحين وإن كانت في غيرهما عزوت إلي مصدرها وذكرت أحكام العلماء عليها من التصحيح والتضعيف فإن لم يكن للعلماء عليها كلام درست الإسناد ونظرت في رجاله وبينت من خلال النظر الراوي الضعيف ....
ثم أوردت لإتمام الفائدة كلام الفقهاء وذلك لأن كلامهم من فقه الحديث وهو منزلة عالية من الاستضاءة بالسنة .. حتى وإن لم يكن في المسألة إلا كلام الفقهاء فإنما بني الفقه على أصول السنة .
                      وأسال الله المعونة والتوفيق ...
                         والحمد لله رب العالمين
تمهيد
من التلطف في التعبير والبلاغة في الألفاظ اختلاف الكنايات في التعبير عن هذا الباب وتنوعها فكنى بعض العلماء عن خروج البول والغائط   و عن إزالة الخارج  المستقذر بالحاجة وهومأخوذ من قوله  صلى الله عليه وسلم"إذا قعد أحدكم لحاجته ".
وكني بعضهم بالاستطابة وهو من قوله صلى الله عليه وسلم " ولا يستطيب  بيمينه "
وكنى بعضهم  بالتخلي  والخلاء  وهو المكان الخالي فاستعير لقضاء الحاجة لأن العادة أن قضاءها في الخلاء وهذه الكناية من قوله صل الله عليه وسلم " وإذا دخل أحدكم الخلاء "
وكنى بعض العلماء "بالتبرز " وهو  من قوله صل الله عليه وسلم " البراز في الموارد " والتبرزلغة بمعنى البروز والظهور.
وكل هذه الكنايات من الآداب  والتلطف في التعبير عن ما يستحيا منه بل قال العلماء إن الغائط هي في الأصل : المكان المنخفض من الأرض وكني بهذه الكلمة عن الخارج المستقذر لأن العرب كانت تطلب له المكان المنخفض لأنه أستر ثم كثر  استعمالها على سبيل الكناية فشاعت حتى ظن أنها الحقيقة.
 ومن الكنايات التعبير بالاستبراء وهو طلب البراءة من الخارج المستقذر .
 ومن الكنايات التعبير "بالاستنقاء " وهو طلب النقاوة .
ومن الكنايات التعبير بالاستجمار   وهو مأخوذ من الجمار وهي الحصي الصغار ،
 بل حتى " الاستنجاء " قال بعض العلماء إنه ليس صريحاً لأنه بمعنى قطع الأذى يقال نجوت الشجرة أي قطعتها وقيل غير هذا ويأتي التفصيل في الاستنجاء والاستجمار فيما سيأتي في فصل " الاستنجاء و الاستجمار ".
ولا شك أن التنوع الواسع في الكنايات شاهد على تلطف العلماء ودقتهم وسعة اللغة العربية.
 وينبغي التنويع في هذه الكنايات لأن الكناية إذا كثر استعمالها في معنى معين ثقلت على الأسماع حتى كأنها حقيقية فيه ...


الباب الأول
ما ورد في السنة من الآداب قبل قضاء الحاجة
وينقسم إلى ثلاثة فصول
الفصل الأول :- وفيه مباحث :-
المبحث الأول :- الإبعاد والاستتار لقضاء الحاجة :
من الآداب التي وردت السنة النبوية بها عند قضاء الحاجة الإبعاد إذا كان في الفضاء والاستتار.
ورد في الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : "  فانطلق حتى توارى عنى فقضي حاجته" .
أخرجه البخاري – كتاب الصلاة . باب الصلاة في الجبة الشامية 1/137 ،  وأخرجه مسلم 1/230 – كتاب الطهارة / باب المسح على الخفين .
وكان صلى الله عليه وسلم يتحرى في استتاره لقضاء حاجته فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال " كان أحب ما استتربه النبي صلى الله عليه وسلم هدف أو حائشة نخل ".
رواه مسلم 1/184 – كتاب الوضوء / باب ما يستتر به لقضاء حاجته .
والهدف كل شيء مرتفع من بناء أو كثيب رمل أو جبل ومنه سمي الغرض الذي يرمى إليه هدفاً   وحائش النخل جامعها وهو حائط النخل   أو هو مجتمعها أي النخل المجتمع ورد في المنجد : حائش الشجر ما أجتمع منه   ومعنى الحديث : أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم كان يتحري في استتاره فيختار ما هو أشد ستراً من مرتفع الأرض أو مجتمع النخل.
 ولا شك أن هذا الأدب المستحب يدل على الحياء وفيه مرؤة و حسن خلق  .
 وينبغي أن يعلم أن استحباب الاستتار هو لستر البدن كله ،وأما استتاره بالنسبة للعورة فهو معلوم الوجوب.
وقد قال النووي في المجموع 2/86 بعد أن ذكر الإبعاد والاستتار لقضاء الحاجة قال : وهذان الأدبان متفق على استحبابهما وجاء فيهما أحاديث كثيرة   جمعتها في جامع السنة اهـ
 ومحل استحباب الإبعاد عند قضاء الحاجة هو إذا كان في الفضاء وأما الأبنية فيستغنى بالبناء وإنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعد لقضاء الحاجة لأنه كان في الفضاء ونحوه ، وقد كانوا لا يتخذون أماكن قضاء الحاجة في البيوت كما ورد في حديث عائشة رضي الله عنه في قصة الإفك   قالت : وكانت العرب تأنف من اتخاذ الكُنُف في البيوت .
وأتلمس من أدب الإبعاد عند قضاء الحاجة استحسان إبعاد دورات المياه عن الغرف وأماكن الجلوس في تصميم البيوت ما أمكن



المبحث الثاني :- الذكر الوارد عند دخول الخلاء ، ومتى يقال في الفضاء
يسن عند دخول الخلاء قول " اللهم أنى أعوذ بك من الخبث والخبائث " لحديث أنس رضي الله عنه في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال " اللهم أنى أعوذ بك من الخبث والخبائث " .
أخرجه البخاري – كتاب الوضوء ، باب ما يقول عند الخلاء 1/67 ومسلم – كتاب الحيض – باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء 1/283 " والخبث روي بتسكين الباء "الخْبث" والمراد به الشر والمكروه وروي بالضم "الخُبث" جمع خبيث والمراد :ذكران الشياطين . والخبائث: جمع خبيثة والمراد إناث الشياطين. والتسكين أعم ولهذا كان هو أكثر روايات الشيوخ كما ذكره القاضي عياض   فيكون المعني على رواية التسكين الخبْث: هو الشر المكروه .
والخبائث : الشياطين . فكأنه استعاذ من الشر وأهله أو المقصود بالخبائث المعاصي ومطلق الأفعال المذمومة   ومعنى أعوذ : ألوذ والتجئ .
قال الحافظ ابن حجر وكان يستعيذ إظهاراً للعبودية
وقال شيخنا محمد العثيمين – رحمه الله – :وفائدة هذه الاستعاذة الالتجاء إلى الله عز وجل من الخبث والخبائث لأن هذا المكان خبيث والخبيث مأوي الخبثاء فهو مأوي الشياطين فصار من المناسب إذا أراد دخول الخلاء أن يقول أعوذ بالله من الخبيث والخبائث حتى لا يصيبه الخبث وهو الشر ولا الخبائث وهى النفوس الشريرة 1. هـ
ويمكن إضافة أن هذا المقام مقام ضعف بشري فناسب أن يتقوى المرء بالإلتجاء إلى الله .
ويسن أن يقول الداخل للخلاء : " بسم الله " لما ورد من حديث علىّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ستر مابين الجن وعورات بني آدم إذا دخلوا الكنيف   أن يقولوا : بسم الله .
أخرجه الترمذي 2/504 كتاب الصلاة / باب ما ذكر في التسمية عند دخول الخلاء ح 606) وأخرجه أبن ماجة – كتاب الطهارة / باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء 1/109 – وقال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، واسناده ليس بذلك القوي 01 هـ . وفي تحقيق الروض المربع 1/204 قال: حديث على بن أبي طالب إسناده كما قال الترمذي إسناده ليس بالقوي لأن مداره على الحكم بن عبد الله النصري ولم يوثقه غير ابن حبان وقد تفرد به عن أبي إسحاق السبيعي وهو مدلس ولم يصرح بالسماع وللحديث شواهد يتقوي بها فيكون صحيحاً لغيره 01هـ وقد صحح الألباني الحديث في ارواء الغليل 1/88 ، 89 بمجموع طرقه.
ووقت ذكر دخول الخلاء هو قبل الدخول يشهد لهذا رواية عن البخارى لحديث " اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " وفيها " إذا أراد أن يدخل"   وهذا إذا كان في الأمكنة المعدة فإن كان في غيرها فهو عند الجلوس   .
وقد استحسن الفقهاء تقديم البسملة على الدعاء لما فيه من التبرك باسم الله بخلاف قراءة القرآن لأن البسملة من القرآن والاستعاذة من أجل القراءة   ويشهد لهذا ما أورده الحافظ في الفتح من رواية لحديث الدعاء وفيه " إذا دخلتم الخلاء فقولوا بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث " قال الحافظ واسناده على شرط مسلم وفيه زيادة التسمية ولم أرها في غير هذه الرواية   01هـ .
المبحث الثالث : كيفية دخول الخلاء
عند دخول الخلاء يسن تقديم الرجل اليسرى بخلاف المسجد ونحوه.
 لأن القاعدة أن اليسرى تقدم للأذى واليمنى للتكريم قال ابن تيمية رحمه الله : " اليمين أحق بالتقديم إلى الأماكن الطيبة وأحق بالتأخير عن الأذى ومحل الأذى وكذلك قدمت في الانتعال دون النزع لأنه صيانة لها وهذا فيما يشترك فيه العضوان .
فأما ما يختص بأحدهما فإنه يفعل باليمين إن كان من باب الكرامة كالأكل والشرب وبالشمال إن كان من باب إزالة الأذى كالاستنجاء
والأمثلة والأدلة الشرعية لهذه القاعدة كثيرة منها لبس النعل وخلعه ففي الحديث " إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمني وإذا انتزع فليبدأ بالشمال لتكن اليمني أولهما تنعل وآخرهما تنزع
وقال ابن قاسم في حاشية الروض المربع 1/123 : " وأدلة هذه القاعدة كثيرة شهيرة فإن البداءة باليمين مشروعة في الأعمال الصالحة للندب على تقديمها فيها ، ويفضل اليمين حساً في القوة والجرأة والصلاحية للأعمال مما ليس لليسار 01هـ .
واستحباب دخول الخلاء باليسري محل اتفاق قال النووي في المجموع 2/85 " وهذه الأدب متفق على استحبابه وهذه قاعدة معروفة " 01هـ وإذا كان في الصحراء فأكثر العلماء يرجح أنه مندرج في الحكم فيقدم في الصحراء رجله اليسرى إذا بلغ موضع جلوسه


المبحث الرابع : دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله
يستحب لمن دخل الخلاء أن لا يدخل بشيء فيه ذكر الله لا من الثياب ولا من الخواتم ولا من النقود ولا غيرها . والمقصود بذكر الله هنا أي شيء فيه اسم الله ولا يختص بالذكر المعروف التسبيح والتكبير ونحوه
ويستدل الفقهاء لهذا الحكم بحديث أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه
أخرجه الأربعة فأخرجه أبو داود / كتاب الطهارة – باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالي يدخل به الخلاء ح19 – والترمذي في اللباس باب ما جاء في لبس الخاتم باليمين 4/229 – والنسائي 1/178 كتاب الزينة / باب نزع الخاتم عند دخول الخلاء وابن ماجه 1/110 ح 303 كتاب الطهارة باب ذكر الله عز وجل على الخلاء – وقد قال أبو داود عن هذا الحديث هو منكر وإنما يعرف عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ورق ثم ألقاه وقال النسائي هذا الحديث غير محفوظ وخالفهم الترمذي فقال حديث حسن صحيح غريب  وقد قرر ابن القيم رحمة الله في تهذيب السنة 1/26-31 أن حديث نزع الخاتم المكتوب عليه اسم الله إذا دخل الخلاء قد غلط همام بن يحيى الأزدي في لفظه فإن الأحاديث مجمعة على أن الحديث إنما هو في اتخاذ الخاتم ولبسه . وقال ابن حجر عن الحديث سبل السلام 1/154) : هو معلول .
وبناء على الاختلاف في الحديث اختلف الفقهاء في الحكم قال الشيخ محمد العثيمين في الشرح الممتع 1/90 :" والحديث كما قال صاحب الفروع معلول وفيه مقال كثير ومن صحح الحديث أو حسنه قال بالكراهة ومن قال إنه لا يصح قال بعدم الكراهة لكن الأفضل أن لا يدخل   وفرق بين قولنا إنه يستحب وبين قولنا إنه مكروه لأنه لا يلزم من ترك المستحب الوقوع في المكروه 01هـ
وقد استثنى من حكم بالكراهة حال الحاجة قال في زاد المستقنع :" ويكره دخوله بشيء فيه ذكر الله تعالي إلا لحاجة " قال ابن قاسم في الحاشية 1/129 : أي فلا يكره دخوله بما فيه ذكر الله إذا لم يجد من يحفظه وخاف ضياعه .
وفى المعنى : قال الإمام أحمد رحمه الله: الخاتم إذا كان فيه أسم الله يجعله في باطن كفه ويدخل الخلاء .وقال عكرمة: اقلبه هكذا في باطن كفك فاقبض عليه. وبه قال اسحاق ورخص فيه ابن المسيب والحسن وابن سيرين
وقال الشيخ محمد العثيمين في مجموع الفتاوى 4/109 يجوز دخول الحمام بأوراق فيها اسم الله مادامت في الجيب ليست ظاهرة ،بل هي خفية مستورة .
والحاصل أن الراجح أنه يستحب أن لا يدخل الخلاء بشيء فيه ذكر الله ،فإن دخل به وكان محتاجا فلا بأس لا سيما إذا كان مستوراً خفياً .
وقد استثنى بعض العلماء من هذا المصحف لعظم حرمته فقالوا يحرم دخول الخلاء به سواء كان ظاهراً أو خفياً لأن فيه أشرف الكلام ودخول الخلاء به فيه نوع من الإهانة
وقد أكد التحريم المرداوي رحمه الله في كتابه الإنصاف فقال :               فلاشك في تحريمه قطعاً ولا يتوقف في هذا عاقل   01هـ
وقد استثنى العلماء من الحكم بالتحريم حال الحاجة الشديدة وينبغي للمسلم أن يتجنب أن يدخل بالمصحف للخلاء ما أمكنه   .
وقد ذكر العلماء أن هذا الأدب من عدم الدخول بشيء فيه ذكر الله إلى الخلاء لا يختص بالبنيان فقد ذكر النووي في المجموع 2/81 : أن جمهور العلماء قطعوا بأن هذا الأدب يشترك فيه البنيان والصحراء ، فيستحب أن لا يستصحب المرء معه إلى الخلاء  ما فيه ذكر الله ولو في الصحراء .

المبحث الخامس : عدم التكشف لقضاء الحاجة
ورد في الحديث " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض "
أخرجه أبو داود 1/4 كتاب الطهارة – باب كيف التكشف لقضاء الحاجة وقال أبو داود : رواه عبد السلام بن حرب عن الأعمش عن أنس بن مالك وهو ضعيف .
وأخرجه الترمذي كتاب الطهارة – باب ما جاء في الاستتار عند الحاجة 1/11ح 14) وذكر الترمذي للحديث إسنادين عن الأعمش عن أنس وعن الأعمش عن ابن عمر قال الترمذي : وكلا الحديثين مرسل .
ومع ضعف الحديث قال الفقهاء باستحباب عدم التكشف لقضاء الحاجة فلا يرفع ثوبه كاشفاً عورته  إلا حين يدنو من الأرض ويقترب من قضاء حاجته وقد قال الفقهاء بهذا الحكم إما أخذاً من الحديث السابق أو لأن الأصل هو ستر العورة قال ابن قدامه: ويستحب أن لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض لما روى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض " ولان ذلك أستر له فيكون أولى ا.هـ
والنووي في المجموع 2/91 بعد أن ذكر الحديث قال : حديث ابن عمر ضعيف رواه أبو داود والترمذي وضعفاه . ثم قال : وهذا الأدب مستحب بالاتفاق وليس بواجب 01هـ
وهذا الحكم إن لم يكن حول قاضي الحاجة من ينظر إليه فإن كان كذلك فلاشك أن رفع ثوبه محرم لأنه كشف للعورة لمن ينظر إليها  وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلي عورة المرأة"
 أخرجه مسلم 1/226 كتاب المحيض – باب تحريم النظر إلي العورات .
 ومما يندرج تحت موضوع التكشف عند قضاء الحاجة المبالغة في كشف العورة من غير حاجة وذلك كأن يريد المرء البول فيكشف دبره ولا حاجة لذلك فهذا يستحب للمرء أن لا يفعله . والخلاصة أن المرغوب عنه هنا هو كل تكشف زائد عن قدر الحاجة سواء في الوقت أو في الموضع ...
الفصل الثاني :-
المبحث الأول : كيفية الجلوس لقضاء الحاجة
مما أورده الفقهاء في كيفية الجلوس لقضاء الحاجة استحباب اعتماده على رجله اليسرى حال جلوسه لقضاء الحاجة وأن ينصب اليمنى بأن يضع أصابعها على الأرض ويرفع عرقوبها   وقد أستشهد لهذا بحديث سراقة بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نتكئ على اليسري وأن ننصب اليمني " .
أخرجه البيهقي 1/96 كتاب الطهارة – باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء – وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ح 6605- 7/161 – وقد ضعف ابن حجر الحديث في بلوغ المرام صـ 21 وضعفه في تلخيص الحبير 1/107 وضعفه النووي في المجموع 2/98 وفي تحقيق الروض 1/210 قال: الحديث ضعيف لأن مداره على رجلين مجهولين فقد رواه الطبراني و البيهقي من طريق محمد بن عبد الرحمن المدلجي عن رجل من بني مدلج عن أبيه عن سراقة " 01هـ .
والحديث ضعيف لا تثبت به حجة ولكن هذا الحكم قد أسنده الفقهاء إلي أمرين آخرين هما :
1- التعليل بأنه أسهل لخروج الخارج   وقد رُدَّ بأن هذا يرجع فيه إلى الأطباء فإن ثبت هذا طباً يكون من باب مراعاة المصلحة وحفظ الصحة   وإنما يرجع هنا للأطباء لأن هذه العلة لم تثبت بالتجربة فلم يبق إلا علم الأطباء ليثبت هذه العلة
2- والعلة الأخرى بأن هذه الجلسة من إكرام اليمين لأنه يقل استعمالها وهذا من تشريفها وقد أعرض كثير من الفقهاء عن هذه العلة فلم يذكروها   ولكن الشيخ محمد العثيمين رحمه الله بعد أن أورد هذه العلة قال : وهذه علة ظاهرة لكن فيه نوع من المشقة إذا نصبت اليمين وأعتمد على اليسرى لا سيما إذا كان كثير اللحم أو كبير السن أو ضعيف الجسم فيتعب في اعتماده على اليسرى ويتعب في نصب اليمني ولهذا لو قال قائل : ما دامت المسألة ليست فيها سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كون الانسان يبقى على طبيعته معتمداً على الرجلين هو الأولي والأيسر وعلى كل حال يرجع للأطباء   01هـ .
كذا قال شيخنا محمد العثيمين رحمه الله ولكن قد يجاب بأنه أصلاً ليست احدى الرجلين في هذه الجلسة أولى بالإكرام من الأخرى . بل قد يقال :إن الرجل المنصوبة قد اعتمد عليها أكثر من الرجل الأخرى التي استوطئت (أي: التي وطئ عليها بكامل القدم) فإن من السهل على المرء أن يجلس ناصباً رجليه فيضع الأصابع على الأرض ويرفع العرقوبين وهذه هي الطريقة القريبة وأما أن يجلس المرء واطئاً على كامل القدمين فهذا ليس من السهل وهذا ينبئ أن الاعتماد على القدم المنصوبة لعله أكثر من القدم الموطوء عليها كاملة ..

ولهذا فأقول : إن في العلة نظراً من الأصل...
و عموماً: فإن الحديث لم يثبت، وهذه الجلسة لم تثبت ، ويبقى أن المرجع للأطباء فإن ذكروا أن صفة أولى أخذ بها استحباباً مراعاة للمصلحة . والله أعلم.


 المبحث الثاني : ما وضع أخيراً عند بعض الناس بما يسمي الكراسي الإفرنجية
لم يرد في الشرع إيجاب وضع معين للجلوس لقضاء الحاجة ولا موضع معين لقضائها .. ولذلك يبقى الأمر على أصله من جواز كافة الأحوال إذا لم تخالف أمراً معلوماً تحريمه في الشريعة كأن يتحقق منه ضرر على الصحة ونحو ذلك ومن ذلك ما استحدثه بعض الناس من الكراسي لقضاء الحاجة وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بجواز استعمال تلك الكراسي مع التوقي من النجاسة خشية إصابة البدن والملابس عند قضاء الحاجة ومع أداء ما شرع بعد قضاء الحاجة من استجمار أو استنجاء والأفضل الجمع بينهما.
 وقد سئل شيخنا محمد العثيمين رحمه الله عن تلك الكراسي فأفتى بالجواز وإن قال لمن أراد أن يبدأ وضعها أن الأولى اجتنابها .
و قول شيخنا محمد العثيمين بأن من يبدأ وضع هذه الكراسي  الأولى اجتنابها   لعله قال ذلك لأن ما ورد في السنة من الجلسة لقضاء الحاجة هو إلي الأرض ولعل تلك الجلسة والله أعلم أكثر طبيعية وأسهل لخروج الخارج وأنفع للجسم .

المبحث الثالث : التبول قائماً :
من السنة عند قضاء الحاجة أن يتبول المرء قاعداً وكان صلى الله عليه وسلم أكثر ما يبول وهو قاعد حتى قالت عائشة رضي الله عنه من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائماً فلا تصدقوه ، ما كان يبول إلا قاعداً " أخرجه الترمذي 1/17 – كتاب الطهارة / باب ما جاء في النهى عن البول قائماً – وأخرجه النسائي 1/27 في كتاب الطهارة / باب البول في البيت جالساً وأخرجه ابن ماجة 1/112 – كتاب الطهارة / باب البول قاعداً
وقال الترمذي : هو أحسن شيء في هذا الباب وأصح .
وقد وردت بعض الأحاديث في النهي عن البول قائماً منها حديث عمر بن الخطاب قال رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبول قائماً فقال:ياعمر لا تبل قائماً. قال عمر:فما بلت قائما بعد .
أخرجه الترمذي 1/17كتاب الطهارة / باب ما جاء في النهي عن البول قائماً وقال الترمذي : وإنما رفعه عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف عند أهل الحديث .
ومما سلف يتبين أن الحديث ضعيف ومما يشهد لذلك أنه روي عن عمر الترخيص بالبول قائماً كما سيأتي .
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ثلاث من الجفاء : أن يبول الرجل قائماً ....  "
أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد2/86 .وضعفه الألباني في ضعيف الجامع رقم 2535 .وانظر تحفة الأحوذي 1/55 وقال الترمذي: هو غير محفوظ وقال البزار لا نعلم من رواه عن عبد الله بن بريده إلا سعيد بن عبيد الله ولم يجرحه بشيء وقال ابن أبي حاتم هو بصري ثقة مشهور وقال ابن حجر في تقريب التهذيب : سعيد بن عبيد الله بن جبير الثقفي الجبيري بصري صدوق ربما وهم .. ومن كانت حاله كما وصف ابن حجر موجزاً فإنه لا يقبل حديثه منفرداً لخشية وهمه ولكن إذا توبع قبل   . وقد تحدث ابن حجر رحمه الله عن سعيد بن عبيد الله بحديث جامع في هدي الساري مقدمة فتح الباري في سياق حديثه عن من تكلم فيه من رجال البخاري . فقال " سعيد بن عبيد الله ... وثقة أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي وقال الحاكم عن الدار قطني : إن سعيد ليس بالقوي يحدث بأحاديث يسندها وغيره يوقفها وأستنكر البخاري في التاريخ حديثاً من روايته عن عبد الله بن بريده   ثم ذكر ابن حجر أن البخاري روي في صحيحه حديثين من روايته ولكن لحديثه شواهد   ومما سبق يتبين أن سعيد بن عبيد الله محل الثقة إذا توبع على حديثه ولكنه في هذا الحديث لم يتابع فيتبين ضعف الحديث ولو صح الحديث لكان غاية ما فيه الحكم بالكراهة لأنه وصف ذلك بالجفاء فقط وذلك لا يقتضي التحريم ولكن الحديث ضعيف ...
وورد في الصحيحين عن حذيفة من اليمان رضي الله عنه قال : رأيتني أنا والنبي صلى الله عليه وسلم نتماشي فأتى سباطة قوم خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال " أخرجه البخاري في مواضع من كتابه منها باب البول قائماً وقاعداً وهذا لفظه في كتاب الوضوء / باب البول عند صاحبه والتستر بحائط " في الفتح 1/393 ح 225وأخرجه مسلم – كتاب الطهارة – باب المسح على الخفيف 1/228 ح 273.
وقد أطال العلماء في فقه هذا الحديث وسبب بوله صلى الله عليه وسلم قائماً خلاف عادته من البول قاعداً وقد ذكروا أسباباً كثيرة منها :
1- قيل إنما فعل ذلك لوجع كان بمأبضيه   .
2- وقيل فعله استشفاء قال الشافعي رحمة الله والعرب تستشفي من وجع الصلب بالبول قائماً .
3- وقيل إنما فعله تنزها وبعداً عن إصابة البول ، فإنه إنما فعله لما أتى سباطة قوم وهو ملقي الكناسة وهي تكون مرتفعة فلوبال فيها قاعداً لارتد عليه بوله . وقد صحح ابن القيم رحمة الله هذه العلة وجعلها علة الحديث بعد أن ذكر العلل الأخرى   .
4- وقيل لأن السباطة رخوة يتخللها البول فلا يرتد إلى البائل فيها شيء .
5- وقيل إنما بال قائماً لأنها حالة يؤمن معها خروج الريح بصوت ففعل ذلك لأنه قريب من الديار  .
6- وقيل إنه لبيان الجواز . واستظهره ابن حجر في الفتح  وغيره .
وقد اختلف العلماء في هذا الحكم تبعاً للأحاديث الواردة قال ابن المنذر : اختلفوا في البول قائماً فثبت عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وابن عمر وسهل بن سعد أنهم بالوا قياما وروي ذلك عن على وأنس وأبي هريرة وفعله ابن سيرين وعروة وكرهه ابن مسعود والشعبي وإبراهيم بن سعد وكان إبراهيم بن سعد لا يقبل شهادة من بال قائماً   وقد استند الفقهاء في أن البول قاعداً أولى إلى علتين إضافة إلي ما ورد من الحديث والعلتان هما :
- خشية التلوث وممارسة البول فإن البول قاعداً آمن .
- أن البول قاعداً أستر من النظر .
ويتحصل مما سلف أنه لم يثبت حديث في النهي عن البول قائماً وإنما غاية ما ثبت أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ومداومته هي على البول قاعداً وقد ثبت أنه بال مرة قائماً كما في حديث حذيفة فلا وجه للمنع منه ، والتعليلات التي ذكرت ليس هناك دليل ثابت عليها فيبقى الأمر على أصله من الجواز لاسيما إذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه نهي عن البول قائماً من قبل ثم إنه صلى الله عليه وسلم لم يبين لحذيفة سبب فعله مع علمه صلى الله عليه وسلم أنه يراه كما ثبت في صحيح البخاري قال " فقام كما يقوم أحدكم فبال فانتبذت منه فأشار إلى فجئته فقمت عند عقبه حتى فرغ"
 فلو كان في البول قائماً شيء لبين صلى الله عليه وسلم سبب فعله لحذيفة أو لبين له حكم البول قائماً لأن الأمر يحتاج إلى بيان ،وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز  .
 ولذلك أخذ حذيفة بالحكم فاستدل بالحديث على جواز البول قائماً وفى هذا ردَّ على من قال بتحريمه.
وأما التعليل فهو معتبر لما علم من أحكام الشريعة من الأمر بالتنزه من البول وستر العورة فإذا خشي ذلك فينهى عنه  للعلة .
وأما إذا أمن ذلك فالحكم باق على أصله من جواز البول قائما ،ولكن مع استحباب البول قاعدا لأنه الأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم.


الفصل الثالث :- في أماكن قضاء الحاجة
المبحث الأول : المواضع التي نهي عن قضاء الحاجة فيها
ورد في السنة النهي عن قضاء الحاجة في عدة مواضع وأهم هذه المواضع : المساجد ففي حديث الأعرابي الذي بال في المسجد قال صلى الله عليه وسلم " إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر وإنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن ".
حديث بول الأعرابي في المسجد أخرجه البخاري في مواضع منها كتاب الوضوء /باب صب الماء على البول في المسجد 1/91 وأخرجه مسلم عن أنس في كتاب الحيض باب غسل البول في المسجد 1/163 .
بل رجح النووي في المجموع 2/101 تحريم البول في المسجد ولو في إناء .
ومن المواضع التي ينهى عن قضاء الحاجة فيها :
 الطريق ،والظل النافع للناس .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اتقوا اللعانين الذي يتخلي في طريق الناس وظلهم " رواه مسلم 1/226 كتاب الطهارة / باب النهي عن التخلي في الطرق والظلال ح 274 .
ومعني الحديث اتقوا الأمرين الجالبين للعن الباعثين عليه
ومن المواضع المنهي عنها :الموارد جمع مورد  وهي المياه التي يردها الناس للشرب والانتفاع
عن معاذ رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : اتقوا الملاعن الثلاثة البراز في الموارد ، وقارعة الطريق والظل  .
رواه أبو داود في الطهارة / باب المواضع التي نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن البول فيها 1/7ح26 – و رواه ابن ماجه 1/119 كتاب الطهارة باب النهي عن الخلاء على قارعة الطريق – وصحح الحاكم الحديث ووافقه الذهبي والبيهقي في السنن الكبري 1/97 وقال النووي في المجموع 2/94 : اسناده جيد ولكن أعله ابن حجر بالانقطاع في تلخيص الحبير 1/105 وحسنة الألباني في إرواء الغليل 1/100 والحديث يتقوي بشواهده .
قال النووي في المجموع 2/95 : " وهذا الأدب وهو اتقاء الملاعن الثلاث متفق عليه وظاهر كلام المصنف والأصحاب أن فعل هذه الملاعن أو بعضها مكروه كراهة تنزيه لا تحريم وينبغي أن يكون محرماً لهذه الأحاديث ولما فيه من إيذاء المسلمين وفى كلام الخطابي وغيره إشارة إلي تحريمه " 01هـ
ونص على التحريم كثير من العلماء   .
بل قد يقال إن التخلي في هذه المواضع من الكبائر لأنه ورد في الحديث اللعن عليها وعلى أي حال فلاشك أن الحكم يشتد حسب اشتداد العلة وهي الأذى، فكلما زاد الأذى اشتد النهي .

والنهي لا يختص بهذه المواضع المذكورة في الحديث بل يشمل كل ما يؤذي المسلمين التخلي فيه كتحت شجرة مثمرة وكالمدارس ونحوها فكل مجتمعات الناس لأمر ديني أو دنيوي لا يجوز للإنسان أن يتبول فيها أو يتغوط .
والعلة القياس على نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن البول في الطريق والظل  بل يمكن القول بأن النهي يشمل كل موضع فيه أذى لأحد من المسلمين فإن الأذى بغير حق محرم على كل حال قال تعالى:
{ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً            وإثماً مبيناً}الأحزاب :58

ومن المواضع التي نهي عن التخلي فيها : الماء الراكد.
 لقوله صلى الله عليه وسلم :
"لا يبولن أحدكم في الماء الدائم"
متفق عليه   أخرجه البخاري كتاب الوضوء- باب البول في الماء الدائم حديث رقم236وأخرجه مسلم كتاب الطهارة باب النهي عن البول في الماء الراكد حديث رقم 450
و قال النووي في المجموع 2/101 :" قال أصحابنا يكره البول في الماء الراكد قليلاً كان أو كثيراً ".
 ثم عرض لحكم الماء الجاري ورجح أنه يحرم في القليل مطلقاً لأنه ينجسه ويتلفه على نفسه وعلى غيره ، وأما الكثير الجاري فلا يحرم لكن الأولى اجتنابه .
وابن قدامة في المغني 1/165  ذكر النهي لأجل الحديث ثم قال : ولأن الماء إن كان قليلاً تنجس به وإن كان كثيراً فربما تغير بتكرار التبول فيه فأما الجاري فلا يجوز التغوط فيه لأنه يؤذي من يمر به وإن بال فيه وهو كثير لا يؤثر فيه فلا بأس لأن تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم الراكد بالنهي عن البول ، فيه دليل على أن الجاري بخلافه . 01هـ
فلا ينهى عن البول في الماء الجاري الكثير وإن استحب تركه إن أمكن.
 ومما تقدم يتبين أن النهي عن البول في الماء الراكد معلل بالمفسدة لأن فيه إتلافاً للماء وتنجيساً ، ولأن فيه أذية ، ويضاف أنه يخشي منه مضرة لأنه قد تتولد في الماء الراكد بتأثير البول ومع طول الوقت جراثيم ضارة تسبب الكثير من الأمراض كمرض " البلهارسيا" وغيره   وهذا من حكم النهي عن البول في الماء الراكد ...
ومن المواضع التي ورد النهي عن قضاء الحاجة  فيها : البول في الشق ونحوه
لحديث قتادة عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهي عن البول في الجحر" قيل لقتادة فما بال الجحر ؟ قال يقال إنها مساكن الجن .
" أخرجه أبو داود – كتاب الطهارة / باب النهي عن البول في الحجر ح29) – والنسائي – كتاب الطهارة / باب البول في الجحر ح239) قال ابن حجر في تلخيص الحبير 1/106 "قيل أن قتادة لم يسمع من عبد الله بن سرجس حكاه حرب عن أحمد وأثبت سماعه على بن المديني وصححه ابن خزيمة وابن السكن "وصححه النووي في المجموع 2/94 وذكر أنه روي بأسانيد صحيحة"
والنهي عن البول في الشق والجحر ونحوه معلل بأمور منها :-
1- ورود الحديث بالنهي وهو حديث صحيح .

2- التعليل بأنها مساكن الجن كما روي عن قتادة ..فنهى المتخلي حتى لا يؤذيهم وربما آذوه  .

3- التعليل بأنه قد يكون مسكن حيوان أو نحوه فيفسد عليه مسكنه أو يخرج والمرء على بوله فيؤذيه وربما قام بسرعة فيتنجس  .
والنهي عن البول هنا يشمل الغائط لأنه مثله أو أشد .
وقد ذكر العلماء أن النهي هنا هو للكراهة قال النووي في هذه المسألة في المجموع 2/94 : وهذا الذي ذكره المصنف من الكراهة متفق عليه وهي كراهة تنزيه والله أعلم  01هـ ولعل الفقهاء إنما حكموا بالكراهة دون التحريم لأن الأذى ليس بكبير والمفسدة المترتبة هنا هي محتملة  وليست متحققة  ، ثم قد يمكن الاحتراز منها ... وفى الشرح الممتع 1/95 قال بعد ذكره للكراهة في هذه المسألة والكراهة تزول بالحاجة كأن لم يجد إلا هذا المكان المتشقق ..

ومن المواضع التي ورد النهي عن التخلي فيها : المستحم
فعن عبد الله مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يبولن أحدكم في مستحمه  ثم يتوضأ فيه فإن عامة الوسواس فيه "
أخرجه الترمذي 1/33 كتاب الطهارة / باب ما جاء في كراهية البول في المغسل .
وأخرجه أبو داود في كتاب الطهارة / باب في البول في المستحم 1/29 وفى رواية عند أبي داود:" ثم يغتسل فيه "
وأخرجه ابن ماجة 1/101 كتاب الطهارة باب كراهة البول في المغتسل وقد ضعف الألباني الحديث في تحقيق مشكاة المصابيح 1/115 وأعله بأن من رواته الحسن عن عبد الله بن مغفل والحسن مدلس وقد عنعنه .. لكن الألباني ذكر أن له شاهداً صحيحاً .

وقد استثني العلماء من هذا النهي: الأمكنة المعدة كالمبلطة والمجصَّصة ونحوها فلا كراهة فيها.  وقد ذكر ابن القيم رحمه الله هذا الاستثناء عن جمهور    العلماء
والعلة في استثناء الأماكن المعدة :أن النهي في الأصل لأجل خشية التلوث وفى الأمكنة المعدة أمن ذلك فلهذا كان جائزاً لإكراهه فيه .

المبحث الثالث : إرتياء المرء لبوله مكاناً رخواً.
روي من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأراد أن يبول فأتي دمثاً في أصل حائط فقال " إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله موضعاً "  أخرجه أبو داود 1/15 في كتاب الطهارة – باب الرجل يتبوأ لبوله ج 3 – من طريق أبي التياح عن رجل أسود عن أبي موسى الأشعري – وقد صحح الحديث الحاكم ووافقه الذهبي – وضعفه النووي في المجموع 2/91 – وضعفه الألباني في تحقيق مشكاة المصابيح 1/112 وقال فيه شيخ لم يسم. وفي تحقيق الروض قال: الحديث ضعيف لأن مداره على رجل لم يسم   ....

والحديث وإن كان ضعيفاً إلا أن الفقهاء عللوا بعلة سليمة مأخوذة من الحديث وهي الأمن من رذاذ البول وتناثره وترششه عليه . وكذلك إبعاداً للوسواس .  وقال ابن قاسم في الحاشية 1/126 : والحديث وإن كان فيه مجهول , فأحاديث التنزه من البول تفيد ذلك .
وقال النووي : وهذا الأدب متفق عليه على استحبابه .
فإن لم يجد المرء لبوله أرضاً لينة رخوة ولم يجد إلا أرضاً صلبة  دقها بحجر ونحوه أو أدنى ذكره من الأرض .

الباب الثاني
 ما ورد في السنة من الآداب حال قضاء الحاجة .
الفصل الأول : استقبال القبلة واستدبارها .
المبحث الأول : ما ورد من النهي عن الاستقبال والاستدبار مطلقاً
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولكن شرقوا أو غربوا " قال أبو أيوب " فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله  " متفق عليه  أخرجه البخاري 1/68 كتاب الموضوع / باب لا تستقبل القبلة بغائط أو بول – أخرجه مسلم 1/224 كتاب الطهارة – باب الاستطابة )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله رضي الله عنه قال : إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها .  أخرجه مسلم 1/224 كتاب الطهارة – باب الاستطابة )
وعن سلمان رضي الله عنه قال : لقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بغائط أو البول .   أخرجه مسلم 1/223 كتاب الطهارة – باب الاستطابة )

المبحث الثاني : ما ورد في تقييد للنهي عن ذلك وما يظهر منه استثناء    البنيان ونحوه.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه  قال لقد رقيت على ظهر بيت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً على لبنتين مستقبلاً بيت المقدس لحاجته " وفي لفظ" ارتقيت فوق ظهر بيت حفصة لبعض حاجتي فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشام . متفق عليه .
 أخرجه البخاري – كتاب الوضوء – باب من تبرز على لبنتين ج  145 وباب التبرز في البيوت 1/69 ج  148 – وأخرجه مسلم كتاب الطهارة – باب الاستطابة
وعن جابر رضي الله عنه  قال نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول فرأيته قبل أن يقضي بعام يستقبلها .
أخرجه الترمذي رقم 10 كتاب الطهارة – باب ما جاء في الرخصة باستقبال القبلة ببول.وقال الترمذي :حسن غريب
وأخرجه أبو داود رقم12- كتاب الطهارة باب ما جاء في الرخصة في ذلك.
وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم وصححه ابن السكن وحسنه النووي في المجموع 2/89 .
وقد حمل العلماء الحديث على أن جابر رأى النبي صلى الله عليه وسلم في بناء أو نحوه – وخصوا به من هذا الوجه حديث أبي أيوب .
وعن مروان الأصفر قال : رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليها فقلنا : يا أبا عبد الرحمن أليس قد نهي عن ذلك قال بلى إنما نهي عن ذلك في الفضاء فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس .
  أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة باب ما جاء في الرخصة في ذلك رقم10         وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه كتاب الطهارة رقم 59 وقال الحاكم صحيح على شرط البخاري – وحسنه الألباني في تحقيق مشكاة المصابيح 1/120

وعن عائشة رضي الله عنه قالت إن ناساً كانوا يكرهون استقبال القبلة بفروجهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" أوقد فعلوها حولوا بمقعدتي إلى القبلة "
 أخرجه ابن ماجة كتاب الطهارة وسننها باب الرخصة في ذلك في الكنيف رقم322 وقال أحمد: أحسن ما روي في الرخصة حديث عائشة وإن كان مرسلاً فإن مخرجه حسن . وقال: عراك لم يسمع من عائشة  المغني 1/163
وقال ابن القيم هذا حديث لم يصح وإنما هو موقوف على عائشة 

المبحث الثالث : الإشارة إلى خلاف العلماء في هذه المسألة
اختلف العلماء في مسألة استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة على سبعة أقوال  :
1- التفريق بين الصحراء والبنيان فتحريم الاستقبال والاستدبار في الصحراء ويجوز الاستقبال والاستدبار في البنيان . وهذا مذهب الشافعي ومالك وإسحاق وابن المنذر .

2- التحريم مطلقاً وهو رواية عن أبي حنيفة وأحمد ومذهب الظاهرية واختاره من المحققين ابن تيمية   رحمه الله وابن القيم   رحمه الله .


3- تحريم الاستقبال وجواز الاستدبار وهذا القول رواية عن أبي حنيفة وأحمد .

4- الجواز مطلقاً وهذا قول عائشة وعروة وربيعة وداود .
5- جواز الاستدبار في البنيان فقط وهذا قول أبي يوسف واختيار شيخنا محمد العثيمين رحمه الله

6- التحريم مطلقاً حتى في القبلة المنسوخة بيت المقدس  وهو محكي عن إبراهيم وابن سرين.


7- التحريم مختص بأهل المدينة ومن كان على سمتها فأما من كانت قبلته في جهة المشرق أو المغرب فيجوز له الاستقبال والاستدبار مطلقاً لعموم قوله " شرقوا أو غربوا " قاله أبو عوانه صاحب المزني
       
المبحث الرابع : الجمع بين ما ظاهره التعارض بين الأحاديث الواردة          في هذه المسألة
اختلف العلماء في الجمع بين الأحاديث الواردة بناء على اختلاف أقوالهم في المسألة فلكل أصحاب قول وجه في الجمع بين الأدلة .
فمن قال بجواز الاستدبار مطلقاً وتحريم الاستقبال رأى الأحاديث في النهي عامة وخصها بحديث ابن عمر لأن فيه استدبار القبلة فقط دون الاستقبال . وضعف حديث جابر وعائشة وضعف الأثر عن ابن عمر أو قال هو اجتهاد صحابي .
ومن قال بالاستدبار في البنيان فهو كمن جوز الاستدبار مطلقاً إلا أنه خصه في البنيان لأن حديث ابن عمر ورد في البنيان   .
ومن قال بالتحريم مطلقاً أخذ بعموم النهي وضعف حديث عائشة والأثر عن ابن عمر أو قال إنه اجتهاد صحابي وضعف حديث جابر . وأما حديث ابن عمر فحملوه على ما قبل النهي والنهي يرجح لأن النهي ناقل عن الأصل وهو الجواز والناقل عن الأصل أولى . أو أن حديث أبي أيوب وما ماثله قول وحديث ابن عمر فعل والفعل لا يعارض القول كذا قالوا لأن فعله صلى الله عليه وسلم يحتمل الخصوصية أو النسيان أو لحاجة و لأمر آخر  ومن قال بتحريم الاستقبال والاستدبار في الفضاء دون البنيان خص أحاديث العموم بحديث ابن عمر لأنه كان في البنيان وحمل حديث جابر على البنيان ونحوه وخص به الحديث وأكد التخصيص بحديث عائشة لأنه في البنيان وجعل الأثر عن ابن عمر دالاً على تخصيص الحديث بالبنيان وما شابهه في الحجز كالرحل
هذه بعض أوجه الجمع بين الأحاديث وقد اختلفت بناء على اختلاف الأقوال .

والراجح عندي والله أعلم :هو القول الأول وهو قول أكثر أهل العلم وهو قول فقهاء أهل الحديث


المبحث الخامس : استقبال النيرين (الشمس والقمر)ونحوهما
روي في حديث ضعيف النهي حال قضاء الحاجة عن استقبال النيرين   (الشمس والقمر )  وقد اتفق العلماء على تضعيف ما يروى من الحديث       في هذا.
قال ابن حجر في تلخيص الحبير 1/103 : قوله : ورد النهي عن استقبال الشمس والقمر بالفرج قال ابن الصلاح : لا يعرف وهو ضعيف روي في كتاب المناهي مرفوعاً نهى أن يبول الرجل وفرجه باد للشمس ونهى أن يبول وفرجه باد للقمر . قلت  (القائل هو ابن حجر) : وكتاب المناهي رواه محمد بن على الحكيم الترمذي في جزء مفرد ومداره على عباد بن كثير . ثم أشار الحافظ ابن حجر إلى أنه حديث طويل نحو خمسة أوراق فيه النهي عن بول الرجل وفرجه باد للشمس ثم قال : وهو حديث باطل لا أصل له بل هو من اختلاق عباد .
وقال النووي في المجموع 2/103 عن هذا الحديث : ضعيف بل باطل .
 وقال ابن القيم في مفتاح دار السعادة 2/205 : لم ينقل عنه ذلك في كلمة واحدة لا بإسناد صحيح  ولا مرسل متصل وليس بهذه المسألة أصل في الشرع.
وقد علل بعض الفقهاء لهذا الحكم بعلل غير ثابتة منها أن نورهما من نور الله  ولكن هذا لا يكفي في إثبات الحكم ومن العلل التي علل بها وهي غير ثابتة إن اسم الله مكتوب عليهما وأنه روي أن معهما ملائكة وأنهما يلعنانه وغير ذلك .
ولهذا فهذا الحكم لا يثبت ولا دليل عليه بل ورد من الأحاديث ماله دلالة على خلاف هذا ففي حديث أبي أيوب " لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا " فقوله" ولكن شرقوا أو غربوا فيه دلالة على جواز الشمس والقمر لأنه يكثر أن يكون أحدهما في الشرق أو الغرب
ومثل القول في استقبال النيرين يقال فيما شابههما كالنجوم فإذا قيل فى الشمس والقمر لا يستقبلان لما فيهما من نور الله ففي النجوم نور مخلوق.
 فإذا قلنا كل شيء فيه نور وإضاءة حتي النجوم يكره استقبالها   فهذا يحتاج إلى دليل ومجرد الإنارة لا يكفي للنهي عن الاستقبال. بل في حال النجوم الأمر أظهر لأن هذا يفضي إلى أن لا يقضي المرء حاجته بليل لأن النجوم تملأ السماء فأنى توجه استقبلها .
ومن هذا يعلم أنه لا ينهي حال قضاء الحاجة عن استقبال الشمس ولا القمر ولا النجوم ولا الكواكب ونحوها.
ولا صحة لما ورد من النهي عن استقبال الريح بالبول  ولكن إن خشي أن ترد الريح بوله عليه فيكره لأن توقي النجاسة علة معتبرة .



الفصل الثاني : في الكلام حال قضاء الحاجة ..
 وفيه مباحث .
المبحث الأول : رد السلام .
ورد في الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه : أن رجلاً مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم  يبول – فسلم عليه – فلم يرد عليه.
 أخرجه مسلم 1/281 كتاب الحيض – باب التيمم )
وهذا اصح ما في المسألة   وهو حديث صريح .
وقد قال الفقهاء عن هذا الحديث : لو كان الكلام جائزاً لرد النبي صلى الله عليه وسلم على الرجل السلام لأن رد السلام واجب   .

وقد ذكر النووي – رحمة الله عليه – أن رد السلام هنا متفق على كراهته عند الشافعية   وهو قول الحنابلة   وغيرهم من الفقهاء.


المبحث الثاني  : الحمد لله بعد العطاس وإجابة المؤذن
ذكر الفقهاء أنه يقاس على كراهةَِ رد السلام كراهةُُ التلفظ بحمد الله بعد العطاس وكراهة ُ إجابة المؤذن ؛ فإذا  ترك الواجب وهو رد السلام بل إنه يكره حال قضاء الحاجة فالمستحب من الحمد بعد العطاس وإجابة المؤذن ونحوها أولى بالترك ، وأولى بالحكم بالكراهة .
 وقد حكى ابن المنذر الكراهة عن ابن عباس وعطاء ومعبد الجهني وعكرمة . وأما النخعي وابن سيرين فقالا لا بأس به لأن ذكر الله محمود على كل حال  ولكن هذا يرد بأنه مخصوص بهذه الحال ثم للمرء أن يذكر الله بقلبه . وهذا هو قول الحسن والشعبي والنخعي وابن المبارك من أن الذكر من الحمد بعد العطاس وإجابة المؤذن لمن شاء في الخلاء تكون في القلب وهذا هو الصحيح من مذهب الحنابلة وهو ما اتفق عليه الشافعية وغيرهم .

المبحث الثالث : الكلام في غير هذه الأمور
مما سبق يتبين كراهة الكلام حال قضاء الحاجة وفي الخلاء فإذا كره رد السلام وهو واجب فغيره من الكلام كابتداء السلام ونحوه أولى بالكراهة لا سيما إذا كان فيه ذكر الله فيتأكد الترك لتنزيه اسم الله عن هذه الحال وهذا المكان فإن احتاج إلى شيء من الذكر فسبيل ذلك أن يذكر الله بقلبه ومن ذلك التسمية فأما التسمية لدخول الخلاء فقد سبق في مبحث الذكر الوارد عند دخول الخلاء أنها قبل الدخول وأما التسمية لغير ذلك كالوضوء فكما تقدم يكره التلفظ بها – على الراجح- ويسمي في قلبه .
وان احتاج المرء للكلام باللفظ حال قضاء الحاجة جاز للحاجة   كأن يرشد أحداً  مثل أن يرى ضريراً يخشى أن يقع في بئر أو أن يرى حية تقصد إنسانا  أو نحو ذلك ففي مثل هذه الحالة يجوز بل قد يجب أن يتكلم.
 ومن الحاجة أن يكلمه أحد لابد من الرد عليه , أو يكون له حاجة في شخص ويخاف أن ينصرف أو يطلب ماء أو نحو ذلك فكل هذه من أمثلة الحاجة التي يجوز الكلام بها حال قضاء الحاجة بلا كراهة   .
المبحث الرابع : ما يسمعه من يقضي الحاجة من غيره كأن يفتح شريطاً خارج بيت الخلاء ويستمع له.
الأصل في السماع حال قضاء الحاجة أنه جائز , فيجوز لمن يقضي حاجته أن يسمع لغيره خارج الخلاء ولا دليل على المنع ولو كان يسمع شيئاً فيه ذكر الله لأن ليس في ذلك شيء من الامتهان له   وقد سئل شيخنا محمد العثيمين        - رحمه الله – عن شخص في الخلاء يقضي حاجته يستمع لشريط خارج الخلاء يكون فيه حديث أو محاضرة أو نحوها فما رأيكم ؟ فقال: لا باس في هذا بشرط أن لا يكون سبباً في إطالة بقائه على المقعد .
الفصل الثالث : في آداب أخرى وفيه مبحث واحد :
مبحث : مس الذكر باليمين حال التبول .
ورد الصحيحين من حديث أبي قتادة :    " وإذا أتى الخلاء فلا يمس   ذكره بيمينه "
 أخرجه البخاري 1/47 – كتاب الوضوء – باب النهي عن الاستنجاء ياليمين – وباب لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال وغيرها وهذا لفظ البخاري في باب النهي عن الاستنجاء باليمين ونحوه في باب لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال.
 ولفظ مسلم: " لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول "
 أخرجه مسلم 1/225 كتاب الطهارة – باب النهي عن الاستنجاء باليمين.

وهذا الحكم من النهي عن مس الذكر باليمين حال التبول مبني على القاعدة الشرعية التي تضافرت عليها الأدلة وهي :أن ما كان من التكريم فهو باليمنى , وما كان من الأذى ونحوه فهو باليسرى  .

الباب الثالث
ما ورد في السنة من الآداب بعد قضاء الحاجة . وينقسم إلى قسمين :
الفصل الأول : الاستنجاء والاستجمار وفيه مباحث
المبحث الأول : تعريف الاستنجاء والاستجمار وحكمهما :
الاستنجاء لغة : مأخوذ من نجوت الشجر وأنجيتها إذا قطعتها كأن به يقطع المرء الأذى عنه .  والاستنجاء : إزالة النجو وهو العذرة   وفي مختار الصحاح النجو : ما يخرج من البطن واستنجى مسح موضع النجو أو غسله   والاستجمار لغة مأخوذة من الجمار وهي الحصى الصغار لأنه يستعملها في قضاء الحاجة ...
وأما في الاصطلاح فالاستنجاء: إزالة الخارج من السبيلين عن مخرجه بالماء. والاستجمار: إزالة الخارج من السبيلين عن مخرجه بالأحجار ونحوها  والاستنجاء والاستجمار يجب أحدهما من البول والغائط وكل خارج من أحد السبيلين نجس ملوث وهو شرط في صحة الصلاة .
وقد أورد الفقهاء كلاما كثيرا في كيفية الاستنجاء وكيفية الاستجمار وتفاصيل ذلك إلا أننا لن نعرض في المباحث القادمة لشيء من ذلك لأنه لم يرد في السنة شيء من ذلك إنما الوارد في السنة الأمر بإزالة القذر بالماء أو الحجر ونحوه وأما كيفية الإزالة فالأمر فيها واسع إذا لم يرتكب المرء شيئاً مما ينهي عنه كالاستنجاء باليمين ونحوه .

المبحث الثاني  : الاقتصار على الاستجمار
الاكتفاء بالاستجمار  وحده والاقتصار عليه مجزي دل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله   فمن قوله صلى الله عليه وسلم حديث سليمان رضي الله عنه قال : نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستجمر بأقل من ثلاثة أحجار "
 أخرجه مسلم – كتاب الطهارة – باب الاستطابة 1/223 .
 ومن فعله صلى الله عليه وسلم : حديث ابن مسعود قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجد فأخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال:هذه ركس.
 أخرجه البخاري 1/71 كتاب الوضوء – باب لا يستنجى بروث .
 وإذا أراد المرء الاقتصار على الأحجار لزمه أمران أحدهما أن يزيل العين حتى لا يبقى إلا أثر لاصق لا يزيله إلا الماء والثاني أن يستوفي ثلاث مسحات لحديث سلمان المتقدم     .


المبحث الثالث : الاقتصار على الاستنجاء
الاستنجاء بالماء والاقتصار عليه وحده مجزي , دل على ذلك الأحاديث الصحيحة ولأن الأصل في إزالة النجاسات إنما يكون بالماء فكما يزيل المرء النجاسة بالماء عن رجله مثلاً فكذلك يزيلها بالماء عن السبيلين    ولأن الماء يطهر المحل ويزيل العين والأثر فهو أبلغ في التنظيف   ومن الأحاديث الصحيحة الواردة في الاقتصار على الاستنجاء بالماء :
حديث أنس رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجى بالماء ... متفق عليه .
 أخرجه البخاري 1/70 كتاب الوضوء / باب حمل العنزة معه الماء. وأخرجه مسلم 1/227 كتاب الطهارة /باب الاستنجاء بالماء .

المبحث الرابع : الجمع بين الاستنجاء والاستجمار .
يجوز الاقتصار على الاستنجاء بالماء ويجوز الاقتصار على الاستجمار بالأحجار ونحوها والأفضل أن يجمع بينهما فيستعمل الأحجار لأنها تزيل عين النجاسة فلا تباشرها يده، والماء يزيل ما بقى ليطهر المحل طهارة كاملة
وقال ابن القيم – رحمه الله – " وكان صلى الله عليه وسلم يستنجى بالماء تارة ويستجمر بالأحجار تارة ويجمع بينهما تارة "
ورد عن عائشة رضي الله عنه أنها قالت " مرن أزوجكن أن يتبعوا الحجارة الماء من أثر الغائط والبول فإني أستحييهم . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله " .
 أخرجه النسائي بلفظ  أن يستطيبوا بالماء  1/39 الطهارة / باب الاستنجاء بالماء وأخرج الترمذي الحديث بلفظ " يستطيبوا بالماء " بدل يتبعوا واحتج أحمد – رحمه الله – بالحديث قاله في المغني 1/152.
وقال الترمذي : العمل عليه عند أهل العلم يختارون الاستنجاء بالماء وإن كان الاستنجاء بالحجارة مجزئاً بالحجارة , يستحبون الاستنجاء بالماء ورآه أفضل .
ومما ورد خبر أهل قباء لما نزل قوله تعالى { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين} فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أنا نتبع الحجارة الماء وهذا الحديث من رواية البزار وهو ضعيف انظر تلخيص الحبير 1/112 ونصب الراية للزيلعي 1/218 )
ولكن أحسن ما ورد في هذا ما أخرجه ابن ماجة عن أبي أيوب وجابر وأنس رضي الله عنه لما نزلت " فيه رجال يحبون أن يتطهروا " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا معشر الأنصار إن الله قد أثني عليكم في الطهور فما طهوركم ؟ قالوا : نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة ونستنجي بالماء. قال:هو ذلك فعليكموه "
 أخرجه ابن ماجة 1/30 كتاب الطهارة – باب الاستنجاء بالماء.
 وقد ضعف ابن حجر الحديث في تلخيص الحبير 1/113. ولكن الزيلعي حسنه وإنما تكلم في الحديث لأنه من طريق عتبة بن أبي حكيم وفيه مقال قال في نصب الراية 1/219 : وعتبة بن أبي حكيم فيه مقال قال أبو حاتم : صالح الحديث وقال ابن عدي أرجو أن لا بأس به وضعفه النسائي .
واخرج الحاكم الحديث في المستدرك وصححه ورواه البيهقي في سننه وقال النووي عن هذا الحديث فيه عتبه بن أبي حيكم وقد اختلفوا في توثيقه فوثقه الجمهور ولم يبين من ضعفه سبب ضعفه والجرح لا يقبل إلا مفسراً فيظهر الاحتجاج بهذه الرواية 1.هـ المجموع 2/109 ,
وبالجملة فإن الرواية التي ذكرت عنهم الاستنجاء فقط لها شواهد كثيرة تتقوى بها دون الرواية التي تذكر أنهم يتبعون الحجارة الماء فتلك لم تصح رواية ولكن النووي صححها من جهة الاستنباط لأن الاستجمار بالحجارة كان معلوما عندهم جميعا وأما الاستنجاء بالماء فهو الذي انفردوا به فلهذا لما سئلوا عن سبب المدح ذكروا الاستنجاء ولم يذكروا الاستجمار بالحجارة لأنه مشترك بينهم معلوم عندهم .
ويؤيد هذا قولهم إذا خرج أحدنا من الغائط أحب أن يستنجى بالماء فهذا يدل على أن استنجاءهم بالماء كان بعد خروجهم من الخلاء والعادة جارية بأنه لا يخرج من الخلاء إلا بعد التمسح انظر المجموع 2/109 .
وقد قال في نصب الراية: أن في الباب أثراً جيداً يسند هذا أخرجه البيهقي وغيره عن على بن أبي طالب قال: إن من كان قبلكم كانوا يبعرون بعراً وأنتم تثطون ثطاً فأتبعوا الحجارة الماء .

ولما تقدم يستحب الجمع بين الاستنجاء بالماء والاستجمار بالحجارة ونحوها  إن لم يكن للخبر الوارد  فللتعليل الحسن بأنه أكمل في الطهارة .




المبحث الخامس : ما ورد النهي عن الاستنجاء به .
ورد النهي عن الاستنجاء   باليمين . في حديث أبي قتادة: " ولا يتمسح من الخلاء بيمينه "
أخرجه البخاري 1/70 كتاب الوضوء / باب النهي عن الاستنجاء باليمين وأخرجه مسلم 1/225 كتاب الطهارة / باب النهي عن الاستنجاء باليمين
وللتعليل بإكرام اليمين   وينهي في الاستنجاء عن الاستنجاء  بالمطعومات  من المائعات ونحوها لأن ذلك امتهان لها، وللقياس على الاستجمار لورود النهي عن الاستجمار بمثل ذلك.
كما ينهي عن الاستنجاء بالنجاسات لأن المقصود إزالة النجاسة ولا تزال النجاسة بمثلها ولورود النهي عن ذلك في الاستجمار فيقاس عليه   .

المبحث السادس : ما ورد النهي عن الاستجمار به .
يشترط للاستجمار بأحجار ونحوها   أن يكون ما يستجمر به طاهراً منقياً غير عظم وروث وطعام ومحترم .
وقد ورد في حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن قال ابن مسعود فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم وسألوه الزاد  فقال : "لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما وكل بعرة علف لدوابكم" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فلا تستنجوا بهما فإنهما من طعام إخوانكم"
 أخرجه مسلم 1/332 كتاب الصلاة – باب الجهر بالقراءة بالصبح
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجد فأخذ روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال " هذه ركس " أي نجس .
 أخرجه البخاري – كتاب الوضوء – باب لا يستنجى بروث ج  156 في الفتح 1/256

ولا يجوز أن يستجمر المرء بطعام بني آدم ولا طعام بهائمهم والدليل أنه نهى عن طعام الجن ودوابهم . والإنس أفضل فيكون النهي عن الاستجمار بطعامهم أولى   .
ولأن الاستجمار بها كفر بالنعمة لان الله خلقها للأكل ولم يخلقها لهذا الامتهان ولهذا يتأكد التحريم
وينهى عن الاستجمار بمحترم ككتب علم شرعى   ونحو ذلك والدليل قوله تعالى :{ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه}   الحج : 30
وقوله تعالى { ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب } الحج : 32

المبحث السابع : ما ورد من الوعيد على التهاون بالاستنجاء أو الاستجمار .
ورد التشديد في هذا وأنه من أسباب عذاب القبر فعن ابن عباس رضي الله عنه  قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال : إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير , أما أحدهما فكان لا يستتر من البول .. الحديث وفي رواية للبخاري : بلى إنه كبير أما أحدهما .. وفي رواية لمسلم " لا يستنزه من البول"
 الحديث متفق عليه . أخرجه البخاري 1/62 كتاب الوضوء / باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله وأخرجه مسلم 1/166 كتاب الطهارة / باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء من البول


وإذا كان هذا الوعيد الشديد ورد في البول مع أنه أخف نجاسة من الغائط والتحرز منه أصعب فدخول الغائط في النهي والوعيد أولى ...



المبحث الثامن : استقبال القبلة واستدبارها حال الاستنجاء أو الاستجمار .
النهي الوارد عن استقبال القبلة واستدبارها إنما ورد حال قضاء الحاجة وأما حال الاستنجاء أو الاستجمار فهل يلحق أم لا ؟
ذكر النووي هذه المسألة في المجموع وقال : مقتضي مذهبنا وإطلاق أصحابنا جوازه لأن النهي ورد استقبالها واستدبارها ببول أو غائط .
وهذا لم يفعله ونقل الروياني في الحلية جوازه عن أبي حنيفة قال : وهو صحيح يحتمله مذهبنا

وإن احتاط المرء منه فألحقه بالاستقبال والاستدبار حال قضاء الحاجة فهذا أولى لأن الحديث قد يحتمله، ولأن الاستنجاء والاستجمار قد يكون بمعني البول والغائط وقد لا يتم خروجهما إلا حال الاستنجاء والاستجمار .
الفصل الثاني : في آداب أخرى بعد قضاء الحاجة
 وفيه مباحث:
المبحث الأول : إطالة اللبث بعد قضاء الحاجة.
اللبث بعد قضاء الحاجة منهي عنه وقد علل الفقهاء ذلك بعلل منها :
1- أن في ذلك كشفاً للعورة بلا حاجة
2- أن بيوت الخلاء مأوى الشياطين والنفوس الخبيثة فلا ينبغي أن يبقى في هذا المكان الخبيث
3- أنه قد ذكر أنه مضر طبياً يدمي الكبد ويورث الباسور  ولهذه العلل ينهي عن اللبث بعد قضاء الحاجة . ولا دليل فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم

المبحث الثاني : نتر الذكر وعصره ونحوه .
روي في حديث ضعيف " إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثاً "
 أخرجه ابن ماجة 1/118 كتاب الطهارة / باب الاستبراء بعد البول وقد روي من طريق يزداد وفي الزوائد 1/118 قال:" يزداد : ويقال ازداد لا يصح له صحبة وزمعة ضعيف "
وقال النووي عن هذا الحديث اتفقوا على ضعفه وقال إن يزداد  لا صحبة له وممن نص على ذلك البخاري في التاريخ وأبو حاتم الرازي وابنه عبد الرحمن وأبو داود وابن عدي وغيرهم ا.هـ المجموع 2/99
وفي تحقيق الروض المربع 1/213 قال: الحديث ضعيف لأن مداره على عيسى بن يزداد اليماني .. وهو مجهول الحال وقد رواه عن أبيه ولا صحبة له فالحديث مرسل .

والنتر هو الجذب بجفاء   واستنتر من بوله اجتذبه واستخرج بقيته من الذكر عند الاستنجاء
وقد قال ابن تيمية – رحمه الله – النتر بدعة وليس سنة ولا ينبغي للإنسان أن ينتر ذكره

ومثله السلت : وهو أن يمسح ذكره – إذا فرغ من البول – من أصل الذكر إلى رأسه وقد ذكر بعض الفقهاء أنه يصنع ذلك ثلاثاً   لئلا يبقى شيء من البول في الذكر .

وقد روي في ذلك حديث ضعيف هو " إذا بال أحدكم فليمسح ذكره ثلاث مرات "
 أخرجه ابن ماجة 1/118 كتاب الطهارة / باب الاستبراء بعد البول . قال ابن تيمية – رحمه الله – عن هذا الحديث في مجموع الفتاوي 21/106 : ضعيف لا أصل له وقال ابن القيم : حديث غريب لا يثبت
والسلت لا يصح القول بأنه يستحب بل ذكر ابن تيمية – رحمه الله – بأنه يكره السلت والنتر
وأنكر ابن القيم – رحمه الله – ذلك وعده من الوسوسة وقال في معرض حديثه عن الموسوسين : ومن هذا ما يفعله كثير من الموسوسين بعد البول وهو عشرة أشياء : السلت والنتر والنحنحة والمشي والقفز والحبل والتفقد والوجور والحشو والعصابة والدرجة.
ثم أسهب في بيان ذلك فقال بعد أن بين السلت والنتر – كما تقدم – ثم قال ابن القيم – رحمه الله – مبيناً ما ذكره عنهم : والنحنحة يستخرج الفضلة وكذلك القفز يرتفع عن الأرض شيئاً ثم يجلس بسرعة , والحبل يتخذ بعضهم حبلاً يتعلق به حتى يكاد يرتفع ثم ينخرط منه حتى يقعد، والتفقد يمسك الذكر ثم ينظر في المخرج هل بقى فيه شيء أم لا , والوجور يمسكه ثم يفتح الثقب ويصب فيه الماء ،والحشو يكون معه ميل وقطن يحشوه به كما يحشو الدمل بعد فتحها , والعصابة يعصبه بخرقة , والدرجة يصعد في سلم قليلاً ثم ينزل بسرعة , والمشي يمشي خطوات ثم يعيد الاستجمار
ثم قال ابن القيم – رحمه الله - : قال شيخنا وذلك كله وسواس وبدعة فراجعته في السلت والنتر فلم يره وقال لم يصح الحديث قال والبول كاللبن في الضرع إن تركته قر وإن حلبته در قال : ومن اعتاد ذلك ابتلي منه بما عوفي منه .
قال : ولو كان سنة لكان أولى الناس به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
المبحث الثالث : هل تغسل الأنثيين مع غسل الذكر بعد التبول أم لا ؟
لم يرد في السنة فيماأعلم ما يدل على غسل الأنثيين مع غسل الذكر بعد التبول.
 بل ولم يذكر ذلك أكثر الفقهاء لا وجوباً ولا استحبابا – فيما أعلم – وإن كان الفقهاء تبعاً لما يروى في الحديث قد أشاروا إلى غسل الأنثيين من المذي   لكنهم لم يتعرضوا لذكر ذلك بعد التبول .

وقد سئل شيخنا محمد العثيمين – رحمه الله – عن غسل الأنثيين بعد التبول فأجاب : لا يجب غسل الأنثيين ولا الذكر بعد البول إنما يجب غسل ما أصابه
البول فقط وهو رأس الذكر.
 وإن ترشش البول على قصبة الذكر أو على  الأنثيين وجب غسلهما لأن المقصود من الاستنجاء هو إزالة النجاسة فقط


المبحث الرابع : كيفية الخروج من بيت الخلاء .
يستحب أن يقدم المرء إلى الخروج من بيت الخلاء رجله اليمنى عكس مسجد ونعل , لأن اليمنى أحق بالتكريم والتقديم إلى الأماكن الطيبة وأحق بالتحرز عن الأذى ومحله. وفي الخروج من بيت الخلاء تكريم ولذلك قدمت له اليمنى , وهذا مبني على القاعدة المعروفة وهي أن ما كان من التكريم بدئ فيه باليمنى وخلافه باليسار    كما تقدم في مبحث كيفية الدخول إلى الخلاء .
وهذا الأدب من تقديم اليمنى عند الخروج من الخلاء متفق على استحبابه   وإذا كان المرء في غير البنيان يقدم اليمنى عند منصرفه من قضاء الحاجة

المبحث الخامس : الذكر الوارد عند الخروج من الخلاء ومناسبة ذكره بعد الفراغ من قضاء الحاجة ؟ ومتى يقال في الفضاء ؟

ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنه قالت : ما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من الخلاء إلا قال " غفرانك " .
أخرجه أبو داود 1/30 ج30 كتاب الطهارة / باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء – وأخرجه الترمذي 1/12 ج7 كتاب الطهارة / باب ما يقول إذا خرج من الخلاء ح300
وصحح الحاكم الحديث ووافقه الذهبي وصححه ابن خزيمة والنووي في المجموع 2/79 وحسنه الترمذي وصححه في تحقيق الروض 1/207
وروي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : إذا خرج من الخلاء قال " الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني "
أخرجه ابن ماجة 1/110 كتاب الطهارة – باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء – وفي الزوائد " إسماعيل بن مسلم مجمع على تضعيفه , والحديث بهذا اللفظ غير ثابت " وضعف النووي الحديث في المجموع 2/83. وفي تحقيق الروض : الحديث ضعيف ضعفه البوصيري والمنذري ومغلطاي في شرح ابن ماجة وقال الدارقطني : حديث غير محفوظ.
ومعنى قوله " غفرانك" غفران مصدر غفر يغفر غفراً وغفرانا كشكر يشكر شكرا وشكرانا وغفرانك مصدر منصوب بفعل محذوف تقديره أسألك غفرانك   والمغفرة معروفة وهي ستر الذنب والتجاوز عنه

ومناسبة هذا الدعاء وهو قوله " غفرانك" بعد الخروج من الخلاء قد ذكر لها عدة مناسبات منها :
1- أن الإنسان لما تخفف من أذية الجسم تذكر أذية الإثم فدعا الله أن يخفف عنه أذية الإثم كما من عليه بتخفيف أذية الجسم
2- أنه استغفر خوفاً من تقصيره في شكر نعمة الله تعالى التي أنعهما عليه من الطعام وهضمه وإخراجه سهلاً.
ووقت قول هذا الدعاء هو في البنيان بعد الخروج من بيت الخلاء   وفي الفضاء بعد انصرافه من موضع جلوسه لقضاء الحاجة


                               الخاتمة :
في الختام يمكن أن نورد خلاصة المباحث السابقة وأن نوجزها فيما يلي :
1- يسن الإبعاد في الفضاء حال قضاء الحاجة ويسن الاستتار .
2- يسن للمرء أن يقول قبل دخول الخلاء " بسم الله , اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " وفي الفضاء يقوله عند الجلوس لقضاء الحاجة .
3- ويدخل المرء الخلاء مقدما لرجله اليسرى تكريماً لليمنى .
4- ويستحب أن لا يدخل الخلاء بشيء فيه ذكر الله ويحرم دخوله بالمصحف
5- يستحب عدم التكشف لقضاء الحاجة .
6- لم يثبت في السنة شيء في كيفية الجلوس لقضاء الحاجة وقد استحسن بعض الفقهاء أن يعتمد على الرجل اليسرى وينصب اليمنى وعللوا بأنه تكريم لليمنى وأسهل لخروج الخارج ولكن في هذه العلة نظر .
7- لا بأس باستخدام الكراسي الحديثة لقضاء الحاجة إذا توقيت النجاسة وأدى ما شرع بعد قضاء الحاجة من الاستنجاء أو الاستجمار .
8- من السنة التبول قاعداً و هو أستر وهو الأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم ، ولكن  ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال مرة قائماً ، والراجح أن التبول قائماً جائز في الأصل .
9- نهي عن قضاء الحاجة في مواضع منها: المساجد و الطريق و والظل النافع والموارد والماء الراكد والشق والحجرونحوه والمستحم وينهى عن قضاء الحاجة في كل مكان يؤذي          به الناس.
10- يستحب أن يرتاد المرء لبوله موضعاً رخواً .
11- وردت أحاديث صحيحة صريحة في النهي عن استقبال القبلة أو استدبارها حال قضاء الحاجة ووردت أحاديث تفيد بتقييد النهي .
12- اختلف العلماء في المسألة على عدة أقوال. واختلفوا في الجمع بين الأحاديث بناء على الاختلاف في الأقوال والراجح والله أعلم جوازه في البنيان .
13- لا ينهي حال قضاء الحاجة عن استقبال النيرين ولا الكواكب والنجوم ولا الريح ولا غيرها .
14- يكره الكلام حال قضاء الحاجة من رد السلام والحمد لله بعد العطاس وإجابة المؤذن والتسمية عند الوضوء وغيرها فيكره كل كلام لا سيما إذا كان فيه ذكر الله تكريما لاسم الله عن تلك الحال وذلك الموضع وتزول الكراهة للحاجة.
15- يجوز أن يستمع من يقضى الحاجة إلى غيره ومن ذلك أن يفتح شريطاً خارج بيت الخلاء ويستمع له.
16- ورد في السنة النهي عن مس الذكر باليمين حال التبول .
17- الاستنجاء : إزالة الخارج من السبيلين عن مخرجه بالماء والاستجمار : إزالة الخارج  من السبيلين عن مخرجه بالأحجار ونحوها . ويجب أحدهما من البول والغائط وكل خارج من أحد السبيلين نجس ملوث وهو شرط في صحة الصلاة.
18- يجوز الاقتصار على الاستجمار وحده.
19- يجوز الاقتصار على الاستنجاء وحده .
20- الأفضل الجمع بين الاستنجاء والاستجمار .
21- نهى في السنة عن الاستنجاء باليمين وينهى عن الاستنجاء بالمطعومات والنجاسات ونحوها.
22- نهى في السنة عن الاستجمار بالعظم والروث وغيره من النجاسات وينهى عن الاستجمار بالمطعوم والمحترم .
23- ورد في السنة الوعيد الشديد لمن تهاون بالاستبراء بعد قضاء الحاجة .
24- لا ينهي عن استقبال القبلة واستدبارها حال الاستنجاء أو الاستجمار لأن النهي ورد حال قضاء الحاجة وإن احتاط أولى .
25- ينهى عن إطالة اللبث بعد قضاء الحاجة .
26- لا يشرع النتر والسلت ونحوه بل هو مكروه وقد يكون بدعة إن اعتقد أنها عبادة مشروعة .
27- لا يشرع غسل الأنثيين مع الذكر بعد التبول إلا إذا تناثر البول عليهما .
28- يستحب أن يقدم المرء عند خروجه من الخلاء رجله اليسرى .
29- يسن أن يقول عن الخروج من الخلاء " غفرانك " .
30- وقت الدعاء بهذا الدعاء هو في البنيان بعد الخروج من بيت الخلاء وفي الفضاء بعد انصرافه من موضع جلوسه لقضاء الحاجة .
إن هذا البحث بحث عملي متكرر تمس الحاجة إليه وتعظم المنفعة به ولا ريب أنه من المنفعة الكبيرة معرفة الأحكام الجزئية بأدلتها التفصيلية . ولا شك أن المتأمل لهذه الآداب تتجلى له عظمة التشريع الإسلامي  ودقة أحكامه ومطابقته للواقع وكمال تعاليمه ؛ فيرى عياناً قوله تعالى: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً }  المائدة : 3  فالحمد لله على نعمته أولاً وأخراً ظاهراً وباطناً ...
                                                                                 والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
المراجع الأصلية الخاصة بالبحث :
اثبت هنا المراجع الخاصة بالبحث التي تعرضت له بصورة أصلية ولم أذكر المراجع العامة ككتب اللغة وغيرها.
1- المجموع شرح المهذب / للنووي جـ 2 الناشر زكريا على يوسف – مطبعة الإمام .
2- المغني / لابن قدامة / جـ1 . الناشر مكتبة الجمهورية العربية .
3- حاشية الروض المربع / لابن قاسم جـ1 الطبعة الرابعة – 1410هـ .
4- الروض المربع / للبهوتي . طبعة دار الكتاب الحربي – الطبعة الثانية .
5- الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ محمد العثيمين جـ1 – طبعة مؤسسة آسام للنشر – الطبعة الرابعة .
6- زاد المعاد / لابن قيم الجوزية . ج1 طبعة مؤسسة الرسالة – الطبعة الرابعة عشر 1407هـ.
7- تحقيق الروض المربع / عبد الله الطيار – إبراهيم الغصن – خالد المشيقع الطبعة الأولى 1416هـ - طبعة دار الوطن . وخرج أحاديثه عبد الله الغصن.
8- فتح الباري / لابن حجر العسقلاني جـ1طبعة دار الريان – الطبعة الأولى 1407هـ
9- الاختيارات الفقهية / لابن تيمية – تحقيق محمد حامد الفقي طبعة دار المعرفة .
10- صحيح البخاري / الطبعة الثانية – طبعة عالم الكتب 1982م 1402هـ)
11- صحيح مسلم / بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي طبعة 1400هـ .
12- سنن أبي داود / بتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد طبعة دار إحياء السنة النبوية .
13- سنن الترمذي / بتحقيق أحمد شاكر ومحمد فؤاد عبد الباقي ط دار إحياء التراث العربي – بيروت.
14- سنن ابن ماجة / تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ط دار إحياء التراث العربي – 1395هـ .
15- سنن النسائي / ط مصطفى الحلبي الطبعة الأولى – 1383هـ .
16- الكافي / لابن قدامة جـ 1 ط المكتب الإسلامي – الطبعة الثانية 1399هـ
17- السلسبيل / للشيخ صالح بن إبراهيم البليهي ج1 .  ط مكتبة ابن تيمية .
18- إغاثة اللهفان / لابن القيم تحقيق محمد حامد الفقي ج1 ط دار  الكتب العلمية – سنة 1407 – الطبعة الأولي .
19- المنتقى من أخبار المصطفى / للجد ابن تيمية ج1                          ط دار الفكر – 1351هـ
20- تلخيص الجبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير / ابن حجر ج1 – ط شركة الطباعة الفنية بالقاهرة – 1384هـ .
21- نصب الراية لأحاديث الهداية / للزيلعي ج1 ط المكتبة الإسلامية – 1393 هـ
22- مشكاة المصابيح / للتبريزي بتحقيق الألباني ج1 ط المكتب الإسلامي –1380هـ .

                                  المحتويات
المقدمة 2
تمهيد 6
الباب الأول:آداب قبل قضاء الحاجة 8
الإبعاد والاستتار لقضاء الحاجة . 8
الذكر الوارد عند دخول الخلاء , ومتى يقال في الفضاء ؟ 10
كيفية الدخول لبيت الخلاء 12
دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله. 14
التكشف لقضاء الحاجة 16
كيفية الجلوس لقضاء الحاجة 18
قضاء الحاجة في الكراسي المحدثة 20
التبول قائماً 21
المواضع التي نهي عن قضاء الحاجة فيها 26
ارتياد المرء لبوله مكاناً رخواً 32
الباب الثاني :آداب حال قضاء الحاجة. 34
ما ورد من النهي عن استقبال القبلة وإستدبارها مطلقاً 34
ما ورد من تقييد النهي عن ذلك 35
الإشارة إلى خلاف العلماء في هذه المسألة 37
الجمع بين مظاهره التعارض بين الأحاديث الواردة 38
استقبال النيرين 40
رد السلام حال قضاء الحاجة 42
الحمد لله بعد العطاس و إجابة المؤذن 43
الكلام في غير هذه الأمور كالتسمية عند الوضوء في بيت الخلاء 43
ما يسمعه من يقضي الحاجة من غيره كأن يفتح شريطا خارج بيت الخلاء ويستمع له. 44
مس الذكر باليمين حال التبول 45
الباب الثالث: آداب بعد قضاء الحاجة 46
تعريف الاستنجاء والاستجمار وحكمهما 46
الاقتصار على الاستجمار 47
الاقتصار على الاستنجاء 48
الجمع بين الاستنجاء بالماء والاستجمار 49
ما ورد النهي عن الاستنجاء به 52
ما ورد في النهي عن الاستجمار به 52
ما ورد من الوعيد على من تهاون بالاستنجاء أو الاستجمار 54
استقبال القبلة واستدبارها حال الاستنجاء أو الاستجمار . 55
إطالة اللبث بعد قضاء الحاجة. 56
نتر الذكر وعصره ونحوه 56
هل تغسل الأنثيين مع غسل الذكر بعد التبول 59
كيفية الخروج من بيت الخلاء 60
الذكر الوارد عند الخروج ومناسبة ذكره ومتى يقال في الفضاء   61
الخاتمة 63
المراجع 67
المحتويات 69
                               والحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.